إن الصعوبة في إيجاد تعريف موحد للتخطيط لا يكمن في التعقيد العلمي للتعريف ، بل في أسلوب و طريقة فهم ما يمكن أن يعنيه التعريف. فمن جهة يمكن ان نفهم العملية التخطيطية على انها ذلك النشاط الفكري البشري الطبيعي الذي يقوم به الدماغ بشكل تلقائي للمساعدة في إتخاذ اي قرار أو الإستجابة لأي متغيرات في البيئة المحيطة. أما من الناحية العلمية الأخرى فالتخطيط يمكن أن يفهم على انه مجموعة من العمليات التي تتبع بشكل متتابع في سبيل تحقيق أهداف محددة و خلال فترة زمنية محددة.

إضافة الى ذلك، فإن التداخل اللفظي لما يمكن أن تعنية كلمة التخطيط يمكن أن يشكل عنصراً أخر من عناصر التداخل في فهم معنى كلمة تخطيط. فمخطط حي سكني تعني أمراً مختلفاً تماماً عن مخطط لزيارة مدينة باريس في الإجازة. كذلك خطة فريق كرة القدم تختلف عن خطة تطوير التعليم العام في البلاد. فمخطط الحي السكني يقصد به الرسومات الهندسية التوضيحية لشكل المخطط السكني ، بينما مخطط زيارة مدينة باريس أو مخطط تطوير التعليم تعني مجموعة من الإجراءات و السياسات التي يمكن من خلال تطبيقها الإرتقاء بمستوى الخدمات التعليمية. بينما خطة لعب فريق كرة قدم في الغالب تعنى بالمهام و الواجبات التي يجب على كل لاعب القيام بها أثناء المبارة حتى يتمكن الفريق من تحقيق الفوز في النهاية.

لكن يمكن ملاحظة أن التخطيط و بشكل عام و من خلال إتفاق معظم المهتمين بهذا العلم ، أن العملية التخطيطية و بالرغم من تعدد المجالات التي تستخدم بها ، لا بد أن تحتوي على عنصرين أساسيين. الأول عبارة عن ضرورة وجود هدف أو مجموعة من الأهداف التي توجه كامل العملية التخطيطية لتحقيقها. أما العنصر الثاني فيكمن في وجود مجموعة من الإجراءات و الأعمال التي لابد أن تحقق بتتابع محدد و واضح للوصل الى الهدف المنشود. و من خلال التوافق على أهمية هذين العنصرين ، نجد أن التعريف العام و الشامل للتخطيط يمكن أن يكون عبارة عن مجموعة من الإجراءات و العمليات التي لابد أن تتم و تنجز بشكل تتابعي في سبيل تحقيق الهدف أو الأهداف المحددة مسبقاً.  لذلك و من الواضح تماماً أن التخطيط ليس ذلك النشاط الذي يتعلق بالحاضر، لكنه نشاط يتعلق بالمستقبل و لذلك فهو ينطوي على قدر لا بأس به من المخاطرة أو عدم التأكد.

كما أنه لا يمكن أن تنحصر العملية التخطيطية على الأفراد فقط، فالتخطط و بالرغم من انه يتم من قبل أفراد ، إلا انه نشاط يُعتمد عليه ليؤثر في تصرفات جماعات متعددة أو مجتمع بكاملة. و نتيجة لكل هذه العوامل و العناصر فيمكن تطوير تعريف شامل للتخطيط بحيث يكون:

التخطيط عبارة عن نشاط إجتماعي أو منظمي طُور من خلال رؤية محددة لتحقيق أهداف محددة من خلال مجموعة من الأعمال و الإجراءات المحددة، بقصد التغلب على مشاكل محددة ضـمن بيئة مُـعرفة مـسبقاً و التي لابـد أن يقــترن ذلك بإلـتزام واضح و توفير المصادر اللازمة لذلك